responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 230
ونظر جيش طالوت إلى قلة عدده فقال بعضهم: (لا طاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجالُوتَ وَجُنُودِهِ).
كادت هذه العاطفة اليائسة تسرى بين الجنود، فتقتل معنوياتهم، وتقضى على ثباتهم، وكيف وهم المنتخبون المختارون؟ وكيف وهم البقية الباقية من المجاهدين فى سبيل الوطن المغصوب؟
وهنا علا صوت الإيمان من قلوب أهل الإيمان، وهنا ظهرت العقيدة الصادقة، تفصح بأجلى بيان، وهنا يظهر الفارق البعيد بين المؤمنين والمأجورين، قال الذين يظنون ويعتقدون بنصر الله إياهم وتأييده لهم، وأنه من ورائهم، وأنهم لا شك مائتون، فموت فى ساحة الشرف خير من موت على فراش المذلة، قال هؤلاء: (كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ).
وإذن فلا قنوط، وإذن فلا معنى لليأس، وإذن فليسر الجيش المجاهد على بركة الله.

[مواجهة]
تراءت الفئتان، فهذا الغاصب المعتدى المغتر بقوته وجبروته وصولته وجنوده، وهذا المؤمن المدافع عن دينه وعرينه يستمدّ النصر من الله، ويلجأ إليه فى كل أحواله:
(رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ) فلم يكن إلا رجع الطّرف حتى نصر الله كتيبته، وأعلى كلمته، وأيّد جنده، (فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ) ملك العمالقة وورثه فى ملكه، وأفاض الله عليه الحكمة، وشرّفه بالنبوة، وعلّمه مما يشاء.
وبعد فهى عبرة للشرق اليوم، والتاريخ يعيد نفسه، وإنّ داود الشرق لرابض بالمرصاد لجالوت الغرب لو وجد الأنصار المؤمنين، فهلّا [1]؟.

[1] ممن تناولوا قصة طالوت وجالوت بأسلوب أدبى دعوى رائع أيضا: الشيخ محمد الغزالى رحمه الله، فى كتابه:" الإسلام المفترى عليه بين الشيوعيين والرأسماليين" فتراجع فيه، ففيها من الدروس والعبارات الأدبية السامية ما يدعو لقراءتها.
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 230
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست